نَزِف أزلِي في دهَاليِز النِسيان.

#AOK

#Wr_Suzaku

#suzaku_ko

في ظلامِ ليلةٍ ضبابية، والعاصفة تزمجر في سماءٍ غاضبة، كانت هناك سيارة تتسابق على الطريق كما لو كانت تهرب من مصيرٍ محتوم، وعلى اليمين، جالسًا خلف عجلة القيادة، عينيه لا تبتعدان عن الطريق، قلبه كان مشدودًا إلى مكانٍ آخر، إلى جريمةٍ أخرى، إلى ضحيةٍ جديدة ستضاف إلى سجلٍ طويل من الذنوب، لقد تعوّد على هذا الروتين المميت: يذهب، يقتل، يهرب. لا شيء في العالم يمكن أن يوقفه، كان يظن أن الطريق الذي يسلكه مُعدٌّ له، وأنه سيبقى دائمًا خارج دائرة الحساب، لكن !، بينما كانت سيارته تسير بسرعةٍ جنونية، شعر بشيء غريب٫ الطريق الذي كان يعرفه كظهر يده، بدأ يتغير، الأرض تحت عجلاته تتنفس، كما لو كانت تشعر به، وتحمل بين جنباتها سجلات الماضي الملطخة بالدماء، كان يشعر بها، كأن الطريق نفسه قد أصبح شاهدًا على جرائمه، كان الصوت الذي تتركه العجلات على الطريق كأنها صرخة عميقة من داخل الأرض، وكأن كل حجرٍ وكل شجرة كانت تشهد عليه

وتهمس له: "لقد اقترب الحساب.".

ثم، وفي لحظةٍ خاطفة، يبدو أن الطريق قد قرر أن يضع حدًا لهذا العبث، انحرفت السيارة فجأة، وأمست يده غير تعد قادرة على السيطرة عليها، الضباب الكثيف الذي غشى الرؤية حوّل الطريق إلى عالمٍ غريب، مليء بالأوهام والظلال، انطلقت السيارة بسرعةٍ مذهلة، وتدحرجت نحو حفرةٍ موحشة، حيث اصطدمت بجدارٍ غير مرئي، ليُسمع الصوت المدوّي للاصطدام، ثم يغرق المكان في صمتٍ ضبابي.

لكن، كما هو الحال دائمًا في الحياة المظلمة، ما كان يظنه يقينًا، تحول إلى فخٍ لا مفر منه. في لحظةٍ خاطفة، تحولت السيارة إلى آلةٍ مُعتمة، تُحلّق عبر الضباب الكثيف الذي كان يطمس الرؤية أمامه.. تدفقت الدماء من جسده الملقى على الطريق، ، رسائل مشفرة تروي قصصًا عتيقة من آثامٍ ارتكبها، جرائم تراكمت في خزانته السوداء حتى فاضت، كل قطرة دم كانت تُعلن عن جريمة، وكل نقطة كانت تحمل في طياتها نبوءة عن القصص التي لا تُنسى.

القطرة الأولى تَسيل على رِمال الأحلام

تلك التي تدحرجت على جانب الطريق، كانت كدمعةٍ حزينة، تروي قصة رجلٍ قُتل في أحد شوارع المدينة المظلمة. كان القتل سريعًا، كما كان دومًا يفعل، السكين تعكس وجهه وهي تلمع في يده، ينقض على ضحيته في لحظةٍ لا تُغتفر، كان الرجل الذي قُتل يحمل حلمًا بسيطًا، ولكنه تحطم بين يديه مثل زجاجٍ هش، بينما هو يبتسم مُغادرًا، لا يعبأ بمصير من داس عليهم.

والثانية تَروي غَصة كهل

التي سقطت بالقرب من الحافة، كانت تُخبر عن جريمة أخرى، كانت جريمة سطوٍ على شيخٍ مسن. دخل بيته وسط العتمة، وكأن الظلال كانت تخدمه في مهمةٍ لا قلب لها. سلبه كل شيء، ليس فقط ماله، بل حتى الأمل في حياةٍ كريمة. تركه غارقًا في دمائه، ممسكًا بما تبقى من حياته، بينما هو يهرول بعيدًا يحمل المال الذي لا يستحقه.

أما الثالثة تَسطِيرٌ في فَصلِ الخِيانة

الأكثر تعقيدًا، تلك التي سقطت على الأرض بجانب حافة الطريق، كانت تروي قصة خيانةٍ مروعة، خيانة من شخصٍ كان يُفترض أن يكون مخلصًا، لِـ امرأةٌ أحبها بصدق، ثم خانها مع صديقتها المقربة، تاركًا قلبها محطمًا، وأملها موهومًا، بينما هو يبتسم ببرود، مُتجهًا نحو جريمةٍ أخرى، وتركهما في دوامةٍ من الألم والدموع.

كل قطرة كانت تروي فصولًا مظلمة من حياته، وكل نقطة كانت تُذكره بأن الزمان لا ينسى، وأن آثار جرائمه لن تزول مهما حاول الهروب، كان يعتقد دائمًا أنه يستطيع الفرار من تبعات أفعاله، ولكن ها هو الآن، وقد سقط في الفخ الذي صنعه بنفسه.

وفي اللحظة التي كانت فيها الأرض تلتهم جسده، لا يزال يرى في خياله الضحية القادمة، لكنه كان قد فات الأوان. الموت الذي ظن أنه سيتفاداه بأن يهرب من نفسه، جاء ليوقفه عند حده. لم يكن الهروب من جريمةٍ ارتكبها، بل كان الهروب من ضميره، من تلك الدماء التي كانت تصرخ في وجهه، موجهةً إليه اللوم الذي لا مفر منه، شهدت الأرض على جريمته الأخيرة، كانت الدماء التي تناثرت على الطريق، رغم موته، تستمر في الصراخ، تطلب العدالة التي لن تتحقق أبدًا. كان قد دفع ثمن جرائمه، لكن لن يُنسى، وستظل الدماء التي غطت الطريق تُخبر القادمين عن مجرمٍ هاربٍ من نفسه، عن قاتلٍ لم يجد مفرًا من حسابه.. الدماء التي تغطّي الطريق ستظل تروي قصصه الأبدية، وستظل تجسّد تفاصيل جرائمه التي لا تُمحى من ذاكرة المكان، كأن كل قطرة دم كانت تهمس للأجيال القادمة بأن الموت ليس هو النهاية، بل هو بداية أبدية لمغفرةٍ لا تأتي.

#لجنة_الشوغيكي