العائد من الظلام (الجزء الثاني)
تجمد "عمر" في مكانه، وهو يسمع الخطوات الثقيلة تقترب من أعلى الدرج. حاول تشغيل مصباحه اليدوي مرة أخرى، لكن البطارية كانت ميتة، رغم أنه شحنها قبل الرحلة.
بدأت أنفاسه تتسارع، وقرر التراجع بهدوء نحو الباب، لكن قبل أن يصل إليه، انغلق بقوة خلفه، كأن يدًا خفية دفعته. أدرك حينها أنه لم يعد وحيدًا.
"من هناك؟!" صاح بصوت مرتجف، لكن لم يكن هناك أي رد، سوى صمت ثقيل يلف المكان.
في تلك اللحظة، شعر بنسمة باردة تمر بجانبه، كأن شيئًا غير مرئي يتحرك قربه. وقبل أن يتمكن من استيعاب ما يحدث، صدح في أذنه صوت همس حاد:
"لم يكن يجب أن تأتي..."
صرخ "عمر" وتراجع مذعورًا، فتعثرت قدمه وسقط على الأرض. حاول الوقوف، لكن فجأة، بدأ المكان يهتز من حوله، كأن الجدران تنبض بالحياة. الصور المتشققة على الحائط بدت وكأنها تتحرك، وداخل المرآة المشروخة في زاوية الغرفة، رأى انعكاسه... لكنه لم يكن يتحرك مثله.
كان انعكاسه يبتسم، بعينين فارغتين تمامًا، وكأن شيئًا آخر قد سكن جسده هناك.
بدأ جسد "عمر" يرتعش، وأدرك أنه يجب أن يخرج من هنا فورًا. ركض نحو الباب وحاول فتحه بكل قوته، لكنه لم يتحرك. بدأ يصرخ ويضربه بجنون، حتى شعر فجأة بأنفاس دافئة خلفه مباشرة.
استدار ببطء... لكن كل شيء اختفى. لم يعد هناك أي همسات أو ظلال متحركة. حتى انعكاسه في المرآة عاد إلى طبيعته.
لكن هذا لم يكن مطمئنًا، بل كان أكثر رعبًا.
أخذ نفسًا مرتجفًا، ثم أخرج هاتفه، متمنيًا أن يجد إشارة تساعده على طلب المساعدة. والمفاجأة؟
الهاتف كان يعمل، لكن شاشته كانت تعرض بثًا مباشرًا... له.
كان يرى نفسه واقفًا في نفس الغرفة، لكن في البث، كان هناك شخص آخر خلفه، طويل القامة، بوجه مشوه وعيون فارغة.
وقبل أن يتمكن من الحركة، أمسكه ذلك الكيان من كتفيه، وجره إلى الظلام.
...اليوم التالي
في صباح اليوم التالي، وصل فريق من المستكشفين بعد أن انتشرت أخبار عن اختفاء مدون شهير في قرية "الخمسين".
وجدوا سيارته عند المدخل، وكاميرته على الأرض، تعمل لكن دون أي أثر له.
عندما تفحصوا آخر تسجيل على الكاميرا، رأوا عمر يقف في الغرفة ذاتها، لكنه لم يكن يتحرك. كان يبتسم فقط، بينما خلفه، انعكاسه في المرآة كان يصرخ طلبًا للمساعدة.
ومنذ ذلك اليوم، بدأت مقالات جديدة تنشر في مدونته... لكنها لم تكن من كتابته.
بل من "عمر" الآخر.
Comment