ظلُّ التينِ اليابس

‏﴿ بسمِ الحرفِ نبدأ، وبنورِ القلمِ نرتقي ﴾

#محششين_علأخر   ๓ ꜝ    （            🝔       ִ 𝓛𝓪𝓽𝓲𝓷     ⃘๑        ˒   

▿   ᷼𝓘 𝔀𝓪𝓷𝓽 𝓪ׁ 𝓭𝓻𝓮𝓪𝓶    ⟢͡    ִ 𝓘'𝓿𝓮 𝓷𝓮𝓿𝓮𝓻᷼ 𝓴𝓷𝓸ׁ𝔀𝓷    ︵ 🍽˒   ๓

͝ ִ 𝓯𝓪𝓻 𝓪꯭𝔀꯭𝓪𝔂    ᷼ฅ    ˒   𝓼𝓸 𝓯𝓪ׁ𝓻 𝓯𝓻𝓸𝓶 𝓱꯭𝓸꯭𝓶꯭𝓮 ͝      ⃘๑     🝔    

#بني_الأعظم ،

#لجنة_الكتابة .

︵ . ︵ .. ︵ . ︵ .. ︵ . ︵ .. ︵ .

في قريةٍ نائية، نُقشت بين ذراعي جبلٍ رمادي ووادٍ أخضر كحكايةٍ نائمة، كانت تقطنُ "هُدى" في بيتٍ صغيرٍ من الطين، سقفهُ من جذوع الصفصاف، وجدرانهُ مُحمَّلةٌ برائحة الأمس.

كانت وحيدة، لكنّها لم تشعر بالوحدة. فالذاكرة حين تعمر القلب، تُغنيك عن العالم.

﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉

كانت تُدعى "هُدى"، لا لأنّها تهتدي، بل لأنّ اسمها هُدى، لكنها كانت تائهةً في زمنٍ لا يمنحُ لقلوب الطيّبين مرافئَ آمنة.

في شبابها، أحبّت "ياسر"، شابٌ جاء من المدينة إلى قريتهم في زيارةٍ لأقاربه. كان يحملُ في عينيه سُكون البحر بعد العاصفة، وفي صوتهِ حكاياتٌ لم تُروَ.

جلسا كثيرًا تحت شجرة التين، يتحدثان عن الحُلم، المدينة، الكتب، الموسيقى، وكذلك معنى أن تحب، دون قيد، دون خوف، دون أن تخشى الغد.

﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉

في إحدى الأمسيات، وعدها أن يعود إليها. قالها وهو يُمسك كفّها المرتجف:

"انتظريني، سأعود في أوّل خريف، ونزرع بيتًا من الحُبّ تحت شجرتكِ."

وغادر، تاركًا وراءه قلبًا كُتب عليه تأريخ الرحيل، ومقعدًا من حجر لا يزال يحتفظُ بدفء جلسته.

مرّت السنون...

﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉

خريفٌ يتبعه خريف، والشجرة تُورق وتُثمر، ثم تذبل، ثم تعود.

إلا ياسر، لم يعُد.

في البداية، كانت تكتب له.

رسائل طويلة مبلّلة بدمع الانتظار، تُرسلها إلى عنوانٍ لم تعُد تعرفُه، ثم بدأت تحتفظ بها، وتدفنها تحت الشجرة، كأنها تُغذّي بها جذورها.

قالت لها جارتها "أم سعد":

"البنات في مثلِ سنّك، يُرضعن أولادهنّ، وأنتِ تُرضعين التين بالحنين!"

لكن هدى لم تكن تسمع، أو ربما كانت تسمع ولا تُريد أن تفهم.

كان لها موعدٌ يومي مع الشجرة، تغسل جذعها بالماء، تهمس لها كأنها روحٌ حيّة:

"هل سيعود اليوم؟ لو عاد، هل ستتعرّف عليه يدي؟"

ثم بدأت الأحلام تزورها.

في إحدى الليالي، رأتهُ في المنام، واقفًا على ضفةِ النهر، يلوّح لها، مبتسمًا، لكنّه لا يقترب.

تُكرّر الحلم مرارًا، حتى صار أشبه بطقسٍ ليليّ لا يفارقها.

كلّ فجر، تُفيق على صدى الحلم وتقول:

"ربما اقترب اليوم أكثر."

كبرت هدى، وغزا الشيب خصلاتها، وأصبح المشي إلى الشجرة رحلةً تُرهق ركبتيها، لكنها لم تنقطع.

﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉

ثم حدث ما لم يكن بالحسبان...

في خريفٍ صامت، جفّت شجرة التين.

لا أوراق، لا ثمار، لا حياة. فقط ظلّها بقي على الأرض، كأنّه

شاهدُ قبر.

﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉

في ذلك اليوم، جلست هدى تحتها، مدت كفّها فوق الجذع اليابس، وقالت بصوتٍ خافت:

"جففتِ قبلي يا صديقتي... كنت أظنّك ستبقين حتى يعود، أو حتى أفنى أنا."

عادت إلى البيت، فتحت صندوقها الخشبي العتيق، أخرجت الدفتر الذي خبّأت فيه رسائلها القديمة، كل صفحةٍ كانت تنبض باسمه، كأنّها كتبتها هذا الصباح.

﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉

في المساء، جمعت الأوراق، خرجت إلى التين اليابس، أشعلت نارًا صغيرة، وأحرقت الرسائل.

لم تبكِ.

بل كانت تبتسم، كمن يحرّر أسيرًا ظلّ يُحبسه لسنوات.

"اذهبْ، يا صوتي المكتوم، ويا حزني المُعلّق، ويا رجلًا لم يعُد."

في صباح اليوم التالي، لم تذهب إلى الشجرة.

ولأول مرة، مشت في الاتجاه الآخر، نحو النهر.

جلست هناك، تراقب أسراب الطيور وهي تعبر السماء.

ابتسمت، وقالت لنفسها

"ما فات، لا يعود. لكنّي أنا، ما زلتُ أستطيع أن أعود لنفسي."

﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉ ﹉

ومن يومها، بدأت هدى تكتب من جديد.

لكن هذه المرة، لم تكتب له. بل كتبت لها، عن الحياة، الضوء، وايضاً عن اكتشاف الذات بعد أن نُطفئ وهج الآخرين.

وإذا مررتَ يومًا بقريةٍ عند سفح الجبل، سترى شجرة تينٍ جافة، وتحتها رماد، لكن في الهواء عبيرٌ غريب...

رائحة حبرٍ قديم، ممزوجةٍ بياسمين.

وهي قصة امرأة تُدعى هدى، انتظرت حبيبًا وعدها بالعودة ولم يأتِ، فزرعت وفاءها تحت شجرة تين ونمت معها الذكرى.

بين الصمت والحنين، كتبت رسائلها، حتى أدركت أن بعض الوداع هو بداية حياة جديدة.

︵ . ︵ .. ︵ . ︵ .. ︵ . ︵ .

#محششين_علأخر ⠀๓    ꜝ    （            🝔       ִ 𝓛𝓪𝓽𝓲𝓷     ⃘๑        ˒   

▿   ᷼𝓣𝓸 𝓵𝓪𝔂 𝓶𝔂 𝓱𝓮𝓪𝓭    ⟢͡    ִ 𝓪𝓷𝓭 𝓬𝓪𝓵𝓵 𝓶𝔂 𝓸𝔀𝓷    ︵ 🍽˒   ๓

͝ ִ 𝓢꯭𝓪𝓿꯭𝓮 𝓾𝓻 𝓹𝓻𝓪𝔂𝓮𝓻𝓼    ᷼ฅ    ˒& ׁ𝓽𝓪𝓴𝓮 𝓶𝔂 𝓱꯭𝓪𝓷꯭𝓭 ͝      ⃘๑    🝔